تزامنا مع الدخول المدرسي ...
رسالة إلى :
أولياء التلاميذ والمتمدرسين.
الأساتذة والمعلمين والمربين.
إن كان لك أولاد في الطور الإبتدائي فوجب عليك ما يلي:
1- الجانب الأخلاقي:
كوَلِيِّ أَمْرٍ (ة) أبًا كنت أو أمًّا أو من يعوّض غيابهم وجب عليك الإلتزام بجانب التّكوين الأخلاقي لطفلك بحيث يكون النّاتج التربوي في الأخير أحسن أو يساوي ما يتلقاه الطفل خارج البيت و في المدرسة، حيث لا يمكن أن يكون البيت وهو المكون الرّئيسي لشخصية الطّفل والمؤثّر الأوّل في لبنة عيشِه ذو جو عكِر لا يسمح بالتّطور الأخلاقي وفي هذا الصّدد أشير إلى عدة التزامات عملية من شأن الاولياء الأخذ بها كي نحظى في الأخير بنسل طيّب وولد على الأقل متوسّط الأخلاق. بداية وجب التنويه إلى مشكل الإطالة في السّهر والذي له نتاج سلبي على كل مستويات التعليم والتربية، إن سمحت لابنك بالسهر فبصورة أوتوماتكية ستجعل منه الكسول غير المكترث وتجعله العصبي الغير الهادئ وبهذا سيحدث له اختلال في تقسيم الوقت فتلقاه ينام في كل وقت في حين يهمل وقت النوم الأساسي خارج أطره. زيادة على ذلك وجب على الاولياء بصورة روتينية غير منقطعة تقديم الأحسن ولو كان فيهم سوء، فحسن الخلق وإن قلت كينونته يجب أن يستعرض أمام الطفل حتى تمثيلا وسوؤه يجب أن يكف عنه لزوما لأن بين أيدينا مادة خامة وصقلها الجيد يكون من اولى أولوياتنا في وقت نربط إكتساب الأفعال بالنسبة للطفل بالمقربين منه، فهو يتأثر ويقتدي بما حوله من جملة الأفعال والنشاطات.
في محور آخر أنوه إلى أن العقل السليم في الجسم السليم: فعموم النشاطات الرياضية لها وقع جيد على نفسية الطفل والطفل الذي لا يمارس نشاطا رياضيا منتظما او غير منتظم هو عبارة عن طفل خامل مثله مثل الطاعن في السن، لهذا علينا گأولياء دمج أبنائنا في شتى المجالات الرياضية بالأساس وبعدها الفكرية بصورة أقل فالطفل في سن يرجو فيه اللعب الجسدي أكثر من غيره.
2- الاجازة والعقاب:
في ركن الاجازة والعقاب وجب توظيف العقل أكثر من العاطفة، فالاجازء والعقاب هما مصطلحين يطلقان عموما في تقييم الأفعال وتجسيد نتائجها في تقديمات فعلية او قولية أو مادية بحيث تشجع الطفل على الاستمرار فيها في حالة الإيجابية أو الكف عنها في حالة السلبية، ويجدر الذكر ان الإجازة لها شروط تستوفيها فإن لم تحضر شروطها كاملة فليس لنا أن نجيز الطفل وإن كبر شأنه في قلوبنا، الإجازة الفعلية: كأخذ الطفل في رحلة معينة يستمتع بإتيانها.
الإجازة القولية: تتجسد في شكر أو إعلاء الشأن بكلمات حساسة وعميقة أو حتى بابتسامة بسيطة والتي من شأنها رفع المعنويات و إكتساب الثقة بالنفس.
الإجازة المادية: تتجلى في أشياء مادية كطلب الطفل شراء لعبة معينة أو لباس أو غير ذلك من أشياء تقتضي دفع المال لجلبها.
والمهم في كل هذا هو الإيفاء بالإجازة فلا يصلح لنا كآباء أن نخون عهدا لأبنائنا في انتظار أن لا يخونوا العهود.
العقوبة واختلافها حسب إختلاف المعطيات فقبل العقوبة يفرض التقييم الجيد للخطأ وانتقاء الخطوات العملية في إتيانه، فإن أي خطأ قد يدفع بنا إلى مظلمة والمظلمة تترك في نفسية الطفل عقدة تؤثر على سيرورة عيشه، والعقوبة تناظر الإجازة في أنواعها إلا أنها تعتمد على التخلي عن العاطفة بصورة جزئية، فإن حضرت العاطفة فقد تتحول العقوبة إلى ٱجازة وهنا يقع خلل إدراكي عند الطفل فلا يهاب من فعل ما لا يجب فعله. العقوبة وإن اختلفت تسمياتها إلا أنها لا يجب أن تدل على التعسف أكثر من دلالتها على التهذيب، فالطفل في صغره له ذاكرة لا مثيل لها في أعمار متقدمة إذ لا يتسنى لنا إن أخطأنا تصحيح أخطائنا في غير وقتها، والطفل إن عوقب فيجب مراعاة صغر سنه وصغر عقله وحدود إدراكه ووراء هذا كله حب التعرف وكشف اللبس.
3-الدعم والمراقبة
الدعم هو وقوف الولي مع الطفل عند اقتضاء الحاجة ولكي يتسنى لنا دعم الطفل بطريقة صحيحة وجب مراقبة أفعاله من حسنها الى سيئها، دعمنا لأبنائنا لا يعني إبانة رجولة زائدة أمامهم ولا قص قصص صغرنا التي طالما ارتبطت بأفعال سلبية فرضها علينا المجتمع في حين افتقر أولياؤنا إلى عنصر المراقبة، أن تدعم الطفل لا يعني أن ترفع صوتك على معلمه فالمعلم ليس مجنونا لكي يجعل من ابنك فريسة، المعلم عاقب وإن عقابه فات حدوده فلا يجب لومه أمام مرأى الإبن لأن في ذلك دعما سلبيا يجعل من ابنك طفل سوء يظلم ليأتي دورك في الدفاع عنه وانت المخطئ بتقصيرك في مراقبة أفعاله والسؤال عنه. يجب على كل ولي ان يخلق علاقة تضامن مع المعلم بحيث يكون العنصر المشترك بينهم هو هدف تعليم الطفل وتربيته، ليس بالأمر الصعب فرقم المدرسة أو المعلم ينوب عن تنقل الآباء الدائم،زد على ذلك الالتزام بمواقيت الدخول والخروج من وإلى المنزل، فأوقات الخروج في عمومها تنتهي عند آذان المغرب ولا حرج إن كان بعدها خروج لآداء صلاة العشاء، فالتزامنا بالمواقيت هو انعكاس على أبنائنا.
أيها المعلمون...أيها الأساتذة... أيها المربون.
إن أبناءنا أمانات في رقابكم فعلّموهم وانهوهم كما أمر الله، إن الطّفل منهم ليلج المدرسة وليس له علم وإنه ليخرج منها وكلّه علم، ولعلّ الكبوة الضارة في كل هذا خروجه متعلّما من غير خلقٍ ولا بأس إن كان متخلقا ناقص علم، فالعلم في الأخير درجات متباينة ليس الكل فيها سواء ولكن للأخلاق بعد المدرسة حياة، علّموهم أن حسن الاخلاق سداد أمم ورفعة همم، علّموهم أن الأخلاق الحسنةَ حياةٌ لِمنْ ماتَ جَسدهٌ، وأنّهَا غِنًى لمنْ فقٌرَ حَالهٌ وأنّها ذريةٌ لمن عقرَ صٌلبٌهْ، إنّ مدارسنا اليومَ وبعملِ عاملٍ تٌخرِجٌ النَّاجِحِينَ من غير روحٍ وتحصد قمحًا مرٌّ الذّوقِ، ولكي نقٌدَّها من شرِّ مسّها وجب علينا الوقوف وقفة الرّجل الواحد الذي وإن أتعبه العمل يوما سيخلّد التاريخ اسمه وسيحكيه تلاميذه لمن بعدهم منهم وسيقتدي البعض من زملائه به وسيعمّ الخير وستخرج مدارسنا من بطونها لؤلؤا تتوّحم النسوة لذِكْرِهِ.أيّها المعلّمون...أيّها الأساتذة إن لكم في أبنائنا جزاء وليس الجزاء لمن خان الأمانة وطلّق المكانة، إنَّ كثيرا من التّلاميذ عيشهم فقرٌ فلا تكلّفوهم أكثر ممّا تسع دنانيرهم، اقبلوا بالبسيط وإن طلبتم فلا تتكلّفوا في الطّلب، وإن بعضهم أيتامٌ فلا تغيظوهم واعفوا عنهم عند المقدرة، علّموهم أن النظافة ألفةٌ وأن الملبس الجديد تكلفةٌ، علّموهم أن العلم أخلاق قبل تعليمهم الحروف وأن المعادلة النّاجحة فيه هي اقتران حسن السّماتِ باتساعِ المعرفة. لا تنسوا أنّ التلاميذ يقضون معكم أكثر مما يقضونه في بيوتهم فكونوا لهم كوالديهم في المرحمةِ، ارحموا ضعفَهم وأضعِفوا شرٌورَهمْ واعدلوا لأن في غيرِ عدلكم شحنةٌ قلوبٍ وبغضاءٌ نفوسٍ وفساد أرواح ولعلّ فساد الروح بعد الأعوام يفسد النّسل ويخلّف خرابًا لا تخلّفه الحروب، أيّها المعلّمون أيّها الأساتذة بكم ترتقي أمتّنا إن احببتم وبكم تسموا أخلاقنا إن رغبتم وبكم تخرّب بلادنا إن أسأتم وسلامٌ عليكم.
بقلم / لكحل زين الدين