جميل راتب.. حكاية 30 عاما عاشها المصرى ذو الجذور الصعيدية فى باريس..متابعة دكتورة دعاء محمد



جميل راتب.. حكاية 30 عاما عاشها المصرى ذو الجذور الصعيدية فى باريس
متابعة //دكتورة دعاء محمد

جميل راتب
بدأت الحكاية فى باريس سنة 1948، والحكاية المقصودة هنا هى حكاية عشق من نوع خاص جدا، عشق وصل إلى حد الافتتان، بين شاب مصرى يعيش فى الخارج، وبين معشوق يضرب أكثر رجال الدنيا عقلا ورزانة، الشاب كان جميل راتب، الذى تحل ذكرى رحيله الرابعة اليوم، 19 سبتمبر، والمعشوق هو الفن.

لماذا بدأ الشغف بالفن فى خارج مصر؟، جميل راتب هنا لا ينفى كونه أحد أبناء الطبقة الأرستقراطية فى مصر، وبكل نفوذها وتشعبها الاقتصادى والسياسى، وبكل رفعة شأنها ودعاة الحرية الذين كانوا فيها، إلا أن هذا الاتجاه "الاتجاه الفنى" كان مرفوضا فى الأساس.

جميل راتب
كان اتجاه الشاب العاشق لمعشوقته مرفوضا لدرجة أنه عندما قام بالتمثيل فى فيلم "العرسان الثلاثة" سنة 1947، طلبت عائلته من المخرج حسين حلمى حذف المشاهد التى قام بتمثيلها، لذلك كان الحل فى السفر.

جميل راتب
سافر راتب لأن ما حدث خلال فيلم "العرسان الثلاثة" الذى قامت ببطولته سامية جمال أمام محمود شكوكو وإسماعيل ياسين، من تدخل أهله بطلب حذف مشاهده، لن يشجع أى مخرج على الاستعانة به، فكانت باريس، وقد سافر إليها لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية هناك، لكنه لم ينس افتتانه بالفن، فالتحق أيضا بمعهد التمثيل هناك.

جميل راتب
فى المعهد شارك مع زملائه فى تكوين فرقة مسرحية، ومارس جميل راتب شغفه وحبه للفن، ولكن الأزمة أنه لم يستطع أن يكسب مالا يعينه على الحياة فى باريس، فعمل "كومبارس" فى الأفلام، وعمل كذلك "شيالا" فى سوق الخضار، وكذا نادل فى بعض المطاعم، وفى الأخير مترجم، عمل كل هذا فى 3 سنوات، حتى تفتحت له الأبواب. 

جميل راتب
على مدار 30 عاما، عاشها جميل راتب فى فرنسا، كان نجما نصف بارز، قام ببطولة 70 مسرحية من التراث العالمى، كما اشترك فى الكثير من الأفلام السينمائية والأعمال التليفزيونية، يعتز جميل جدا بدوره فى الفيلم الفرنسى الشهير "السيرك" أمام بيرت لانكستر، وجينا لولو بريجيدا، كما يعتز كذلك بفيلم "لورانس العرب" أمام عمر الشريف، فهل حان وقت العودة؟

جميل راتب
لا، لم تكن عودته إلى مصر مع "لورانس العرب" سنة 1962، الغريب أنه عاد فى 1951 أثناء اشتغاله مع فرقة كوميدية فرنسية، وجسد فى مصر عروضا مسرحية، والغريب أن الشاب الذى خرج ليمارس فنه فى الخارج كتبت عنه الصحف المصرية حينها بكثير من الاحتفاء، حتى أنه عندما عاد إلى باريس تم الاتفاق معه للقيام ببطولة فيلم "أنا الشرق" أمام كلود جودار التى كانت ملكة جمال فرنسا حينها.

جميل راتب
منتصف السبعينات تعتبر العودة الحقيقية لجميل راتب، إذ جاء إلى مصر لالتزامات وظروف عائلية، لكنه أيضا مازال شغوف بالفن، فقدم بطولة مسرحية "البيانولا" أمام الصاعدة حينها عفاف راضى وإخراج الراحل كرم مطاوع، ونجحت المسرحية، فبدأ يجذب أنظار المخرجين مخرجى الفئة الأولى فى مصر أمثال صلاح أبو سيف وكمال الشيخ، لتأدية أدوار البطولة فى العديد من الأفلام، ومنها "الكداب" لأبو سيف و"على من نطلق الرصاص" للشيخ، لتبدأ رحلته الحقيقية فى مصر.

كان أكبر عائق فى مسألة العودة هى اللغة، فجميل مصرى أصلى صميم، ولد سنة 1926 لأم صعيدية، هى ابنة أخ هدى شعراوى، ولكنه درس فى مدارس فرنسية، وعاش أكثر من 30 عاما فى فرنسا، لذا كان من الطبيعى أن ينحاز لسانه - ولو قليلا - للغة الجديدة التى صار يتحدث بها، لكنه تغلب على تلك المشكلة مع الوقت.

جميل راتب
جسد جميل راتب العديد من الأعمال الرائعة منها "الكيف" مع الراحل على عبدالخالق، أما أهم أدواره


أحدث أقدم

إعلان أدسنس أول الموضوع

إعلان أدسنس أخر الموضوع